معتقدات العرب في الجاهلية
كان للعرب معتقدات كانوا يؤمنون بها ويصدقونها وقد دلّ على بعضها القرآن الكريم وأكذب الله دعاويهم فيها، وكان لهم أيضا في الجنّ عقائد مبهمة مشوشة، فمن ذلك قوله تعالى( إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون)
فالخمر : ما خامر العقل ومنه سميت الخمر خمرا
الميسر : القمار
الأنصاب : حجارة كانت لهم يعبدونها وهي الأوثان و واحدها نصب.
الأزلام : سهام كانت لهم مكتوب على بعضها أمرني ربي وعلى بعضها نهاني ربي فإذا أراد الرجل السفر أو عمل أمرا ما يهتم به ضرب بتلك القداح فإذا خرج الأمر مضى لحاجته وإذا خرج النهي لم يمضي.
معتقدات العرب في الجنّ والغول والسعلاة : أمّا الجنّ، فكانت العرب في الجاهلية إذا نزلوا واديا وباتوا فيه قالوا: نعوذ بسيد أهل هذا الوادي من شرّ أهله أو بعزيز هذا الوادي أو بعظيم هذا الوادي وما شاكله من الاستعاذة بعظيم الجنّ في ذلك الوادي.
وأما الغول، فقد قال ابن الاثير : جنس من الجنّ والشياطين، كانت العرب تزعم أن الغول في الفلا تتراءى للناس فتتغول تغولا أي: تتلون تلونا في صور شتّى وتغولهم أي: تضلّهم عن الطريق وتهلكهم.
وقال المسعودي ما موجزه : وفرقوا بين السعلاة والغول قال عبيد بن أيوب : أبيت بسعلاة وغول بقفرة إذا الليل وارى الجنّ فيه أرنت .
وقد وصفها بعضهم فقال: وحافر العنز في ساق مدملجة وجفن عين خلاف الانس بالطول .
الغول والغيلان: يزعمون أن الغول يتوغل لهم في الخلوات في أنواع الصور فيخاطبونهم وتخاطبهم، وزعمت طائفة من الناس أن الغول حيوان مشئوم وأنه خرج منفردا لم يستأنس وتوحش وطلب القفار وهو يشبه الإنسان والبهيمة ويتراءى لبعض السفار في أوقات الخلوات والليل.
وقال الجاحظ: الغول كل شيء يتعرض للسيارة ويتلون في ضروب الصور والثياب وفيه خلاف.
وقالوا :إنه ذكر أو أنثى ولكن أكثره أنثى.
القرطب: فهو في قولهم نوع من الأشخاص المتشيطنة يعرف بهذا الاسم فيظهر في أكناف اليمن وصعيد مصر في أعاليه، وإذا رآه الإنسان ذعر ووقع مغشيا عليه.
وأد البنات أي دفنهن أحياء : حيث كانوا في الجاهلية إذا رزق أحدهم بأنثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم، قال تعالى : ( ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقهم وإياكم)
ويقال أنهم كانوا يقتلونهن خشية العار وبمكة جبل يقال له أبو دلامة كانت قريش تئد في البنات وقيل أن صعصعة جد الفرزدق كان يشتري البنات ويفديهن من القتل كل بنت بناقتين عشراوين وجمل، وأما بالنسبة لقتل الاطفال يقال عوض عن دفنهم وهم اطفال بالختان.
بيع الطعام عيب في الجاهلية : أنه من العيب عند العرب بيع شيء من الطعام لمن هو في حاجة إليه وهم يشعرون بالخجل وبالاهانة إذا طلب معسر طعاما أو شرابا كلبن أو ماء ثمّ لا يجاب طلبه، أو يطلب عن ذلك ثمنا يقبضه مقابل ما قدّم من طعام أو شراب، لان القِرى واجب على كلّ عربي، ولا يكون القِرى بثمن. فكيف يقف إنسان موقف بخل وإمساك اِزاء مرمل محتاج.
السرقة والاستيلاء : تعدّ السرقة عيبا عند العرب لأنّها تكون دون علم صاحب المسروق وبمغافلته، والمغافلة والاستيلاء على شيء من دون علم صاحبه عيب عندهم وفيه جبن ونذالة، وأما الاستيلاء على شيء عنوة وباستعمال القوة فلا يعدّ نقصا عندهم ولا شينا ولا يعدّ سرقة لان السالب قد استعمل حقّ القوة فأخذه بيده من صاحب المال المسلوب فليس في عمله جبن ولا غدر ولا خيانة ولذلك فرّقوا بين لفظة (سرق) وبين الالفاظ الاخرى التي تعني أخذ مال الغير ولكن من غير تستّر ولا تحايل فقالوا:
(السارق عند العرب من جاء مستترا إلى حرز، فأخذ مالا لغيره. فإن أخذه من ظاهر، فهو مختِلس ومستِلب ومنتهب ومحترس، فإن منع ما في يده فهو غاصب)
بكاء المقتول : فكانت النساء لا يبكين الميت حتى يأخذ بثأره فإذا أخذ بثأره بكينه.
الهامة : كانوا يزعمون ان الإنسان إذا قتل ولم يأخذ بثأره يخرج من رأسه طائر هائم مرفوف يسمى الهامة وهو كالبومة يبتغي القصاص ويصرخ ويندب فلا يزال يصيح على قبره (أسقوني أسقوني ) إلى أن يؤخذ له بثأره وتراق دماء مغتاليه فيرى ويسكن، وكان العرب الجاهليون مفرطين في هذه المعتقدات ومن هناء جاء دور العراف والساحر والراقي وتوابعها، وبعد أن تطفىء الهامة ويرتاح الميت بالأخذ بثأره يأتي دور النساء في العويل والبكاء، ويزعمون إن الهامة لا تزال عند ولد الميت لتعلم ما يكون من خبره فتخبر الميت.
تثنية الضربة : زعموا أن الحية تموت في أول ضربة فإذا ثنيت عاشت.
رمي السن حو الشمس : كان الغلام اذا سقطت له سن أخذها بين السبابة والإبهام واستقبل الشمس إذا طلعت ويقذف بها ويقول: أبدليني بأحسن منها فأنه يأمن من أسنانه العوج والفالج.
خضاب النحر : فكانوا إذا أرسلوا الخيل على صيد فسبق واحد منها خضبوه بدم الصيد علامة.
نصب الراية: كانت العرب تنصب الرايات على أبواب بيوتها لتعرف بها.
جزّ النواصي: كانوا إذا أسروا رجلا ومنّوا عليه وأطلقوا سراحه جزّوا ناصيته.
الإلتفات : فكانوا يزعمون أن من خرج في سفر والتفت وراءه لم يتم سفره فأن التفت تطيروا له.
قلب الثياب: يزعمون أن الرجل إذا ظل وقلب ثيابه اهتدى .
تعليق كعب الأرنب : من علقها عليه لم تصبه عين ولا سحر وذلك أن الجن تهرب من الأرنب لأنها تحيض وليست مطايا الجن.
النهيق التعشير : يزعمون ان الرجل إذا قدم قرية فخاف وباءها فوقف على بابها قبل أن يدخلها ونهق كما تنهق الحمير لم يصبه وباؤها، و من الخرافات ايضاً ان الرجل اذا أراد دخول قرية فخاف وباءها أو جنها وقف على بابها قبل أن يدخل فينهق نهيق الحمار ثم يعلق على رقبته كعب ارنب تعويذةً له ورقية من الوباء و الجن ويسمى هذا النهيق التعشير.
حك الخرزة : كانت عندهم خرزة يزعمون أن العاشق إذا قام بحكها وشرب ما يخرج منها صبر واتسم بالسلوان.
السائبة : كان الواحد منهم اذا أعتق العبد أو العبدة وقال له أنت سائبة فلا عقد بينهما ولا ميراث.
شق الرداء والبرقع : يزعمون أن المرأة إذا أحبّت رجلا ولم يشق عليها رداءه وتشق عليه برقعها فسد حبهما.
الرتم : شجر معروف كانت العرب إذا خرج أحدهم إلى سفر عمد إلى شجرة منه فيعقد غصنا منها فإذا عاد من السفر ووجده قد انحلَ قال خانتني امرأتي، وإذا وجده على حالته قال لم تخني.
الرتيمة : وهي حبس الناقة عند قبر الكريم إذا مات حيث كان العرب إذا مات الكريم منهم علقوا ناقته أو بعيره عند القبر الذي دفن فيه ذلك الكريم، ثم يعكسون عنقها ويديرون رأسها إلى مؤخرها ويتركوها في حفيرة لا تطعم ولا تسقى حتى الموت، وربما أحرقت بعد موتها وربما سلخت و ملئ جلدها ثماماً، وكان يقال أن من مات ولم تعقل ناقة على قبره حشر ماشياً، و من علقت ناقته على قبره بعد وفاته حشر راكبا عليها.
وكانوا أيضاً يضربون قوائم بعير بالسيف عند القبر وكان ذلك تكريماً للميت المضياف على ماكان يعقره من إبل في حياته للضيوف.
نفور الناقة : يزعمون إذا نفرت الناقة وذكراسم أمها فأنها تسكن.
التعمية والتفقئة : كان الرجل إذا بلغت إبله ألفا قلع عين الفحل يقولون اعتقادا أن ذلك يدفع عنها العين، وإذا زادت عن الألف فقأ عين الفحل الأخرى.
العر : كي صحيح الإبل ليبرأ السقيم، والعر هو داءاً يصيب الإبل يشبه الجرب وكانوا يكوون السليمة من الإبل ويزعمون إن ذلك يبرئ داء العر، كما أنه إذا أصاب الإبل مرض أو قرح في مشافرها أو أطرافها عمدوا إلى بعير صحيح من تلك الإبل فيكوى مشفره وعضده وفخذه لإعتقادهم بأنه إذا فعلوا ذلك ذهب القرح والمرض عن إبلهم السقيمة .
البحيرة : كل ناقة كانت تنتج خمسة أبطن وكان الأخير ذكرا شقوا أذنها وامتنعوا عن ذكاتها ولا تمنع من ماء ولا مرعى.
الحام : كل ناقة تنتج من صلب الفحل عشرة أبطن قالوا حمي ظهرها فلا يحمل عليه ولا يمنع من ماء ولا مرعى .
الوصيلة : في الغنم كانت الشاة إذا ولدت أنثى فهي لهم وإذا ولدت ذكر فهو لآلهتهم فان ولدت ذكر وأنثى قالوا ( وصلت أخاها ) فلا يذبح الذكر لآلهتهم.
ضرب الثور إذا عافت البقرة الماء : كان العرب إذا أوردوا البقر فتمنعت عن شرب الماء ضربوا الثور ليقتحم الماء، معتقدين أن الجن تصدُّ البقر عن الماء وأن الشيطان يركب قرني الثور ولا يدع البقر تشرب الماء لذلك كانوا يضربون وجه الثور.
الإستسقاء بإشعال النار في أذناب البقر : كانت العرب إذا اجدبت وتأخر عنهم المطر وأرادوا أن يستمطروا عمدوا إلى أشجار السلع والعشر فحزموها وعقدوها في أذناب البقر ثم اضرموا فيها النار وأصعدوها على جبل وعر ثم يتبعونها يدعون الله ويستسقونه ، وكان اضرام النار في أذناب البقر تفاؤلا للبرق بالنار، وكانوا يسوقونها نحو المغرب دون الجهات الأخرى ، فإذا صاحت الأبقار من وجع حرق النار فرحت العرب وضنت أن ذلك هو الرعد .
------------------------------------------------------------------------------------------------------------
يتبع
[right][center]